نحمد الله رب العالمين ، ونصلي ونسلم على سيد الأولين والآخرين، سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين ... وبعد




ليس من السهل و لا اليسير أن يخوض الانسان في مسائل الدين خصوصا إن تعلق الأمر بفقه العبادات فما من قول إلا و يجب فيه دليل سواء من القرآن الكريم ،أو من هدي الرسول الأمين صلوات ربنا و سلامه عليه أو إجماع من الصحابة و علماء الدين.




و لقد يسر الله بفضله و مدده، و بحوله و قوته لإخوة و أخوات فريق مشروع نسيم الفجر تقديم سلسلة تضم رؤوس أقلام لمجموع الأنام، كي يجتهد و يبحث في سنة خير من وطئت قدماه الأرض حبيب ربنا صلى الله عليه و آله و سلم من أجل البدء في السير على هداه و التوفق في عبادة الله و قد حاولنا تسميتها كما سماها من أوتي جوامع الكلم :









وإنه لايختلف إثنان على وجوب محبة النبى صلى الله عليه وسلم ، وكيف لا وهو صلى الله عليه وسلم من يقول : "لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من ولده ووالده والناس أجمعين "1حتى أن الفاروق عمر بن الخطاب رضى الله عنه، أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أنه أحب إليه من نفسه فقال له :
الآن ياعمر




فإذا كان حب رسول الله صلى الله عليه وسلم واجب على كل مسلم و مسلمة،فلا أقل من أن نتتبع ونتعلق بكل أحواله وأفعاله ، وما يذكر فى كتب السيرة والتأسى به ، وأن نتدبر قول الله تعالى الذي أمر به نبيه أن يبلغه للناس



(قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم والله غفور رحيم ، قل أطيعوا الله والرسول فإن تولوا فإن الله لايحب الكافرين ) 2




وحتى نثبت لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم هذه المحبة ، فلابد من اتباعهما و طاعتهما طاعة كاملة ترضيهما عنا.






من أجل ذلك قمنا بتتبع الرسول صلى الله عليه وسلم وهديه ،وقد وفقنا الله جل في علاه أن تكون البداية الصلاة ،فهي آخر ما أوصى به النبي صلى الله عليه وسلم. فكم نحن مسرورون أن نقدم لكم سلسلة توضح بإذن الله صلاة الحبيب المصطفى عليه الصلاة و السلام ،من التكبير الى التسليم.




فلقد كانت حياته صلى الله عليه وسلم كلها لله وحده
( قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لاشريك له وبذلك أمرت
وأنا أول المسلمين )3




وإن شاء الله موضوع السلسلة يكون :إنطلاقة خير لنا جميعا لتتبع باقي أحواله صلى الله عليه وسلم.




ليكون الإقتداء به عليه الصلاة والسلام دليلآ على حبنا لله ،
ولتكون طاعته صلى الله عليه وسلم علامة على الإيمان،
وسبيلآ الى محبة الله وغفران الذنوب .




سنسهر إن شاء الله على تقديمها طيلة ايام هذا الشهر لحتي تنتهي السلسة بأذن الله تعالي في نفس المضمار




فانتظرونا باذن الله




وإننا لنسأل الله عز وجل، أن يوفقنا جميعا للسعي وعلو الهمة لإحياء سنن نبينا ورسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم، حتى يوردنا بهذا العمل المتواضع حوضه ولا نرد عنه ، وصلى الله وسلم على سيدنا ونبينا وحبيبنا محمد.

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
قال الله تعالى :
(قد نرى تقلب وجهك فى السماء فلنولينك قبلة ترضاها فول وجهك شطر المسجد الحرام وحيث ماكنتم فولوا وجوهكم شطره )1

فاستقبال القبلة شرط لصحة الصلاة ، فمن صلى إلى غير القبلة فصلاته غير صحيحة ، ولا مبرأة لذمته إلا في أحوال أربعة :

الحال الأول : إذا كان عاجزاً عن استقبال القبلة ، مثل أن يكون مريضاً ، و وجهه إلى غير القبلة ، ولا يتمكن من الإنصراف إلى القبلة ، فإن صلاته تصح على أي جهه كان .
لقوله تعالى : ( فاتقوا الله ماستطعتم )2
وهذا الرجل لايستطيع أن يتحول إلى القبلة لا بنفسه ولا بغيره .

الحال الثاني : إذا كان خائفاً من عدو ، أو هارباً من سبع ، أو هارباً من سيل خشية الغرق ، واتجاهه إلى غير القبلة ففي هذه الحالة يسقط عنه إستقبال القبلة .
لقوله تعالى : ( فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالاً أَوْ رُكْبَانًا )3
ومعلوم أن الخائف قد يكون اتجاهه إلى القبلة ، وقد يكون اتجاهه إلى غير القبلة ، فإذا رخص الله له الصلاة راجلاً أو راكباً، فمعنى ذلك أن يرخص له فى الإتجاه الذى غير القبلة ، إذا كان يخاف على نفسه إذا اتجه إلى القبلة .

الحال الثالث : إذا كان فى سفر وأراد أن يصلي النافلة ، فإنه يصلي حيث كان اتجاه سيره، كما ثبت ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يصلي في السفر على دابته حيث توجهت ، بخلاف الفريضة فواجب أن تستقبل القبلة فيها في السفر.

الحال الرابع : إذا اشتبهت عليه القبلة ، فلا يدري أي الجهات تكون القبلة ، ويحدث ذلك كثيرآ ، ففي هذه الحالة يتحرى بقدر ما يستطيع، ويتجه حيث غلب على ظنه أن تلك الجهة هي القبلة ، ولا يضره إذا كان اتجاهه لايوافق القبلة لأن هذا منتهى قدرته واستطاعته لقوله تعالى : ( لايكلف الله نفسا إلا وسعها ) 4

بعد ذلك إخوتنا وأخواتنا نذهب إلى ما كان من النبي صلى الله عليه وسلم بشأن القبلة
كان النبي صلى الله عليه وسلم : " فى السفر يصلي النوافل على راحلته ويوتر عليها حيث توجهت به شرقآ وغربآ" 5

وفي ذلك قوله سبحانه وتعالى : ( فأينما تولوا فثم وجه الله) 6

وكان صلى الله عليه وسلم : " أحيانآ إذا أراد أن يتطوع على ناقته استقبل بها القبلة فكبر ، ثم صلى حيث وجهه ركابه " 7

و " كان إذا أراد أن يصلي الفريضة نزل فاستقبل القبلة "8

أما صلاة الخوف الشديد ، فقد سن صلى الله عليه وسلم لأمته أن يصلوا
"رجالاً قياماً على أقدامهم أو ركباناً ، مستقبلي القبلة أو غير مستقبليها "9

وكان صلى الله عليه وسلم يقول : "مابين المشرق والمغرب قبلة " 10

وقال جابر رضى الله عنه : كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فى مسيرة أو سرية ، فأصابنا غيم ، فتحرينا واختلفنا فى القبلة ، فصلى كل رجل منا على حدة ، فجعل أحدنا يخط بين يديه لنعلم أمكنتنا ، فلما أصبحنا نظرناه ، فإذا نحن صلينا على غير القبلة ، فذكرنا ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فلم يأمرنا بالإعادة وقال:"لقد أجزأت صلاتكم"11

وكان صلى الله عليه وسلم يصلي نحو بيت المقدس قبل أن تنزل هذه الآية :
( قد نرى تقلب وجهك في السماء فلنولينك قبلة ترضاها فول وجهك شطر المسجد الحرام ) 12

فلما نزلت استقبل الكعبة ، فبينما الناس بقباء في صلاة الصبح إذ جاءهم آت فقال :
إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أنزل عليه الليلة قرآن ، وقد أمر أن يستقبل الكعبة ألا فاستقبلوها ، فكانت وجوههم إلى الشام ، فاستداروا ، واستدار إمامهم حتى استقبل بهم القبلة. 13

----------------------------1_
البقرة144
2_التغابن 16
3_البقرة 239
4_ البقرة286
5_البخارى ومسلم
6_البقرة115
7_أبو داود وابن حبان بسند حسن
8_البخارى وأحمد
9_البخارى ومسلم
10_الترمذى والحاكم وصححاه
11_الدارقنى والحاكم والبيهقى
12_البقرة 144
13_ البخارى ومسلم وأحمد والطبراني